أرض الحبيب الجفرى !

الإثنين، 27 يونيو 2011 – 08:12

ترتيبات قدرية وضعتنى فى طريق الداعية الإسلامى الحبيب على الجفرى، لأكتشف خطابا دينيا يجمع بين المعاصرة والروحانية ويربط ببساطة كل ماهو فقهى بكل ماهو جار على أرض الواقع، واضعا حدا للأسطورة القائلة بأن هناك فجوة ما بين الإسلام وتقدم الدولة ونهضتها وديمقراطيتها.قبل ذلك كانت ملابس الحبيب الجفرى تقف حائلا بينى وبين خطابه، كنت أرى فى التمسك بالجلباب وجلسة القرفصاء تكلفا ومبالغة، لا يمكن أن يخرج عن صاحبها سوى تلك التعاليم الدينية المحملة بأعباء الماضى وتحجره الذى لا يعرف تطورا ولا مواكبة للواقع، وفى مثل هذا الفخ يسقط أغلبنا حينما يتخذ موقفا مسبقا من بعض شيوخ الأزهر بسبب «العمة والقفطان» دون أن يمنحهم فرصة القول ويمنح نفسه فرصة الإنصات.خطأ شكلى يدفعنى ويدفع البعض للربط بين ملابس الدعاة الجدد القادمة من بيوت الأزياء العالمية وبين تطور العقل وبالتالى تطور الخطاب الدينى، ربما كان شيوخ الأزهر الذين تم تصديرهم لنا عبر شاشات التليفزيون ليكرروا خطب طاعة ولى الأمر ويقرأوا لنا نصوص الكتب الفقهية دون شرحها هم سبب ذلك الربط بين كل ماهو تقليدى الملبس وكل ماهو تقليدى الخطابة والوعظ، وربما هو «الزن على الأذن» الذى جعلنا نرى كل ماهو قريب من الصورة الغربية ممثلا للتقدم والحضارة أو طبيعة الزمن التى أعلت قيم الشكل على قيم الروح والعقل.
أعود إلى الحبيب الجفرى وخطابه الدينى الذى يجمع بين القلب والعقل ويقدم صورة مختلفة للإسلام الذى يصنع نهضة، ويضع دولا فى مقدمة العالم لا ذيله، من خلال حلقات برنامجه الجديد «آمنت بالله» الذى يذاع فى رمضان القادم على فضائية «سى بى سى» بصحبة خيرى رمضان أعدت اكتشاف الحبيب الجفرى، وعثرت على نوع جديد من الخطاب الإسلامى قادر على أن يستوعب القيم الليبرالية والديمقراطية والإبداعية التى كان أهل الغرب أو الليبراليون العرب يظنون أنه لا مجال للتلاقى بينها وبين الإسلام وتشريعاته أبدا.كانت المرة الأولى التى أجد فيها نفسى أمام رجل دين رحمه الله من شهوة التحريم والفتوى بحلال الشىء أو عدمه، ويعتمد الترغيب وتطهير الروح هو الطريق الأمثل للارتباط بالسماء وليس التهديد بجهنم أو غضب الله، صحيح أن كثيرا من الدعاة الجدد يفعلون ذلك ولكنهم يفتقدون عمق ومنطق الحبيب وثقافته التى تمنحه القدرة على الربط بين الدين والعلم والسياسة، وصناعة تلك الأرض المشتركة التى يقف فوقها الإسلام مع كل ما كان يظن البعض أنه ضده مثل الدولة المدنية والديمقراطية والليبرالية والفن والحرية.

لأول مرة أحصل على اعتراف صريح من داعية إسلامى بأن بيت الخطاب الدينى به من الشروخ ما يجعله عاجزا على أن يقدم للعالم صورة الإسلام الحقيقية، سوف تكتشف وأنت تتابع الحبيب فى برنامجه القادم أن الفجوة التى صنعوها بين الإسلام وقيم النهضة الحديثة مفتعلة، ومثلك فى ذلك مثل رموز الفكر والفن والسياسة الذين استضافهم الحبيب وجاءوا للعراك والخناق مثلما يحدث فى الفضائيات، ولكنهم اكتشفوا أن الأرض المشتركة التى نبحث كلنا عنها موجودة وبها من نقاط الاتفاق ما يكفى للتعايش ولكن المشكلة فينا نحن.. لأننا لم نقرر بعد أن نرتقى ونقف لنتحاور فوقها، دون التفكير فى غنائم الانتصار.

 
المصدر: http://bit.ly/jtzU8e